جهود السلام في الكونغو الديمقراطية- رواندا، الوساطة، وتحديات تشيسكيدي

المؤلف: توم نداهيرو10.13.2025
جهود السلام في الكونغو الديمقراطية- رواندا، الوساطة، وتحديات تشيسكيدي

في مسعى متواصل لإحلال السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يقود الرئيس الأنغولي جواو لورينسو مبادرة حثيثة، حيث استضاف وزيري خارجية الكونغو الديمقراطية ورواندا في محاولة جادة لرأب الصدع القائم بين البلدين. يهدف هذا المسعى الدؤوب إلى البناء على التقدم المحرز في الشهر الفائت، والذي أسفر عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في الرابع من أغسطس/آب.

إلا أن الحقائق الميدانية جاءت مغايرة للتطلعات، إذ تجددت الاشتباكات العسكرية حتى خلال انعقاد القمة نفسها. وعلى الرغم من تأكيد وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية، تيريز واغنر كايكووامبا، على الالتزام بوقف إطلاق النار "إلى حد كبير"، إلا أن استمرار المواجهات الضارية بين تحالف القوى الثورية، الذي يضم حركة "أم 23" و"تحالف نهر الكونغو"، والجماعات المسلحة المتحالفة مع الجيش الكونغولي، عكس بجلاء جسامة التحديات التي تعترض جهود الوساطة الهادفة إلى تحقيق السلام.

موقف رواندا والكونغو

تتبنى رواندا رؤية مفادها أن الخطوة الأولى الحاسمة نحو تحقيق السلام يجب أن تتجسد في تحييد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" (FDLR)، التي تُعد القوة العسكرية الأكبر في المنطقة. في المقابل، تُفضل الكونغو الديمقراطية وأنغولا تنفيذ وقف إطلاق النار وتحييد القوات بشكل متزامن. هذا التباين الجوهري في المواقف قد أدى إلى عرقلة المفاوضات، حيث لم يبد أي من الطرفين استعدادًا لتقديم تنازلات من شأنها تذليل العقبات.

وجهت حكومة الكونغو الديمقراطية اتهامات صريحة إلى رواندا بمحاولة تعطيل المفاوضات، بهدف إجبارها على التفاوض مع "تحالف نهر الكونغو" و"حركة أم 23". ويعارض الرئيس فيليكس تشيسكيدي بشدة الدخول في مفاوضات مباشرة مع هاتين الحركتين. هذا الجمود السياسي قد أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير، وجعل التقدم نحو فك الارتباط العسكري أمرًا شبه مستحيل.

وسطاء السلام

في عام 2022، وبمبادرة كريمة من أنغولا، تم تأسيس آلية للتحقق من وقف إطلاق النار بقيادة الجنرال الأنغولي جواو ماسوني، بهدف ضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاقات الموقعة. خلال الاجتماع الأخير، اقترحت أنغولا توسيع الفريق المراقب ليشمل أعضاء من الكونغو الديمقراطية ورواندا، مع احتمال إشراك بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية "مونوسكو". ومع ذلك، لم يتم اعتماد هذا الاقتراح بشكل رسمي، مما أبقى الآلية دون دعم كافٍ لتمكينها من أداء مهامها على أكمل وجه.

وقد انطلقت جهود السلام من خلال محادثات سياسية عُرفت باسم "عملية نيروبي" و"عملية لواندا"، لكن هذه الجهود تصطدم بتصلب موقف الرئيس تشيسكيدي في التعامل مع "أم 23" و"تحالف نهر الكونغو". إن رفضه القاطع للحوار يعرقل التقدم نحو السلام المنشود، ويعمق الانقسامات القائمة.

إن تحقيق السلام الدائم في شرق الكونغو الديمقراطية يتطلب تحولات جوهرية في موقف الرئيس فيليكس تشيسكيدي، إذ يتعين عليه الاعتراف بالانتماء الكونغولي الكامل لحركة "أم 23" و"تحالف نهر الكونغو"، وتجاوز رؤيته الضيقة التي تعتبرهما مجرد أدوات نفوذ رواندية. إن استمرار تشيسكيدي في هذا النهج المتصلب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، ويمنع أي فرصة لتحقيق الاستقرار الدائم.

ويتألف "تحالف نهر الكونغو" وحركة "أم 23" في واقع الأمر من أعضاء ينتمون إلى طيف واسع من القبائل الكونغولية، بما في ذلك قبيلة الهوتو المنحدرة من شمال كيفو، وقبيلة الهونده، والباشي، والتوتسي، بالإضافة إلى قبيلة البالوبا التي ينتمي إليها الرئيس نفسه. يشير هذا التكوين المتنوع إلى أن هذه المجموعات ليست مجرد أدوات تخدم المصالح الرواندية. الرئيس تشيسكيدي على دراية تامة بهذه الحقيقة، مما يعكس تعقيد الوضع الداخلي في الكونغو الديمقراطية، حيث لا يمكن تجاهل الأبعاد المحلية العميقة للنزاع.

الدور الدولي

يتعين على المجتمع الدولي، ولا سيما الأطراف المشاركة في عمليات السلام في لواندا ونيروبي، اتخاذ خطوات أكثر فعالية للضغط على تشيسكيدي بهدف تغيير موقفه الرافض للحوار. فالدبلوماسية والضغط السياسي يمثلان مفتاحًا حاسمًا لإقناعه بضرورة الانخراط في حوار بناء مع جميع الأطراف المعنية. وإذا لم يتمكن المجتمع الدولي من إحداث هذا التغيير الجوهري في الموقف، فإن جهود السلام ستظل تواجه عراقيل جمة، وستبقى المنطقة أسيرة للعنف وعدم الاستقرار.

لا يمكن تحقيق سلام مستدام في شرق الكونغو الديمقراطية دون معالجة شاملة للجذور الحقيقية للصراع. يجب أن يكون هناك اعتراف واضح بالمظالم المحلية ومعالجتها بجدية ومسؤولية. إن الحوار الشامل الذي يضم جميع الأطراف، بمن في ذلك الجماعات المسلحة التي لديها مظالم مشروعة، هو السبيل الأمثل لتحقيق استقرار طويل الأمد.

لذا، يتحتم على المجتمع الدولي، ولا سيما الأطراف المعنية بعمليات السلام وفق آليات لواندا ونيروبي، أن يضطلع بدور فاعل في تشجيع تشيسكيدي على إعادة النظر في موقفه المتصلب. يمكن للضغط الدبلوماسي، المصحوب بحوافز ملموسة للحوار، أن يساعد في تغيير وجهة نظره، وأن يمهد الطريق لمفاوضات أكثر شمولًا واحتواءً.

بالإضافة إلى ذلك، يجب بذل جهود حثيثة لمعالجة القضايا الجوهرية التي تغذي الصراع، مثل النزاعات المستمرة على الأراضي، والتمييز المنهجي المتفشي، وغياب الأمن الناجم عن وجود العشرات من الميليشيات المسلحة المدعومة من قبل الحكومة، وما تخلفه من آلاف اللاجئين في الدول المجاورة، فضلاً عن إعاقة التوزيع العادل للموارد الذي يمثل مطلباً أساسياً لتحقيق الاستقرار والازدهار.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة